حوادث الطرق

في كل عام، تُزهق أرواح مئات الآلاف من الأشخاص جراء حوادث الطرق  حول العالم. فرغم تطوّر البنى التحتية وشروط السلامة وتطبيق قوانين السير في غالبية الدول، لا تزال حوادث السير تمثل تحديًا للحكومات وللمجتمعات على حد سواء.

وفي إطار تكريم ضحايا هذه الحوادث وللتوعية بمخاطرها، يحتفي العالم باليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، عملًا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/5.

اليومي العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق

تشير الأمم المتحدة إلى أن هذا اليوم يمثل أداة مهمة في الجهود العالمية المبذولة للحد من ضحايا حوادث الطرق، إذ “يتيح فرصة لتسليط الضوء على حجم الدمار النفسي والاقتصادي الناجم عن حوادث الطرق، وللاعتراف بمعاناة ضحايا حوادث الطرق، وتقدير جهود خدمات الدعم والإنقاذ”.

حوادث الطرق
تُسجّل تسع من كل عشر وفيات جراء حوادث الطرق في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل- غيتي

ووفق الأمم المتحدة، تتمثل أهداف اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق في توفير منبر لضحايا حوادث الطرق وأسرهم من أجل:

  • تذكّر جميع القتلى والجرحى جراء حوادث الطرق؛
  • الاعتراف بالعمل الحاسم الذي تقوم به خدمات الطوارئ؛
  • لفت الانتباه إلى ضآلة الاستجابة القانونية إزاء وفيات وإصابات حوادث الطرق المتسبَّب فيها؛
  • الدعوة إلى تقديم دعم أفضل لضحايا حوادث الطرق وأسرهم؛
  • تعزيز الإجراءات القائمة على الأدلّة لمنع وفيات وإصابات حوادث الطرق في نهاية المطاف.

وفي سبتمبر/ أيلول 2020، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار “تحسين السلامة على الطرق في العالم”، معلنةً عقد العمل من أجل السلامة على الطرق 2021-2030، بهدف منع 50% على الأقل من وفيات وإصابات حوادث الطرق بحلول عام 2030.

وقد وضعت منظمة الصحة العالمية واللجان الإقليمية للأمم المتحدة خطة عمل عالمية بالتعاون مع شركاء آخرين في فريق الأمم المتحدة للتعاون في مجال السلامة على الطرق.

وفيات حوادث الطرق

وفق التقرير العالمي لحالة السلامة على الطرق الصادر عن منظمة الصحة العالمية، قُدِّر عدد وفيات حوادث الطرق بنحو 1.19 مليون حالة في عام 2021، بانخفاض قدره 5% مقارنةً بـ1.25 مليون حالة في عام 2010.

اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق لا يقتصر على تذكّر من رحلوا، بل يهدف أيضًا إلى حماية من لم تصلهم بعد رسالة السلامة المرورية

وقد خفّضت أكثر من نصف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفيات حوادث الطرق بين عامي 2010 و2021. وجاء هذا الانخفاض الطفيف في الوفيات على الرغم من تضاعف أسطول المركبات الآلية العالمي، والتوسع الكبير في شبكات الطرق، وارتفاع عدد سكان العالم بما يقارب المليار نسمة.

وإذ أشار التقرير إلى أن الجهود المبذولة لتحسين السلامة على الطرق تُجدي نفعًا، أكد أنها لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب لتحقيق هدف عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل السلامة على الطرق 2021-2030، والمتمثّل في خفض الوفيات إلى النصف بحلول عام 2030.

تقرير من أرشيف التلفزيون العربي عن حوادث الطرق في مصر وأسباب حصدها آلاف الضحايا سنويًا

حوادث المرور السبب الرئيسي لوفاة الأطفال والشباب

ولا تزال وفيات وإصابات حوادث الطرق تمثل تحديًا عالميًا رئيسيًا للصحة والتنمية. واعتبارًا من عام 2019، تُعدّ حوادث المرور السبب الرئيسي لوفاة الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و29 عامًا، كما تُعدّ السبب الثاني عشر للوفاة بين جميع الأعمار.

أسباب عدة والنتيجة واحدة.. حوادث السير في مصر تحصد آلاف الضحايا

ويقع ثلثا الوفيات بين الأشخاص في سنّ العمل بين 18 و59 عامًا، مما يُسبّب أضرارًا صحية واجتماعية واقتصادية جسيمة في جميع أنحاء المجتمع.

كما يُمثّل راكبو الدراجات النارية والعربات ذات العجلتين والثلاث عجلات 30% من الوفيات، بينما يُمثّل ركّاب المركبات رباعية العجلات 25% من الوفيات، ويُشكّل المشاة 21% من الوفيات، وراكبو الدراجات 5%. ويُشكّل ركّاب المركبات التي تحمل أكثر من 10 أشخاص، ومركبات نقل البضائع الثقيلة، والمستخدمون الآخرون للطرق 19% من الوفيات.

تفاوت جغرافي واقتصادي

ووفق التقرير، تحدث تسع من كل عشر وفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فيما يواجه سكان البلدان منخفضة الدخل أعلى خطر للوفاة من حيث عدد السكان.

وعلى الصعيد العالمي، سُجِّل 28% من جميع الوفيات في منطقة جنوب شرق آسيا التابعة لمنظمة الصحة العالمية، و25% في منطقة غرب المحيط الهادئ، و19% في المنطقة الأفريقية، و12% في منطقة الأميركتين، و11% في منطقة شرق المتوسط، و5% في المنطقة الأوروبية.

تسع من كل عشر وفيات جراء حوادث الطرق تقع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، في مفارقة قاسية تكشف هشاشة البنى التحتية، وضعف إنفاذ القوانين، واختلال العدالة الصحية على مستوى الكوكب

ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن المنطقة الأوروبية سجّلت أكبر انخفاض في الوفيات منذ عام 2010 بنسبة 36%. كما سجّلت منطقة غرب المحيط الهادئ انخفاضًا بنسبة 16%، ومنطقة جنوب شرق آسيا بنسبة 2%، بينما ظلّ عدد الوفيات ثابتًا في منطقة الأميركتين.

تقرير من أرشيف التلفزيون العربي عن تصاعد حوادث الطرق في لبنان بسبب انقطاع الكهرباء وتهالك البنية التحتية

اتفاقيات للحد من حوادث الطرق

للحد من مشكلة حوادث الطرق، وإدراكًا لحجم هذه المأساة، سعت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالنقل والسلامة المرورية إلى وضع اتفاقيات دولية تهدف إلى تنظيم حركة المرور والحد من الحوادث عبر توحيد القواعد المرورية بين الدول. ومن أبرز هذه الاتفاقيات:

1. اتفاقية جنيف بشأن حركة المرور على الطرق (1949)

تُعدّ أول اتفاقية دولية تُعنى بتنظيم المرور، وقد وضعت القواعد الأساسية الأولى لتنظيم السير الدولي والاعتراف المتبادل برخص القيادة الأجنبية.

2. اتفاقية جنيف بشأن إشارات الطرق (1949)

صَدرت إلى جانب اتفاقية جنيف لحركة المرور، ومثلت أول محاولة لتوحيد إشارات المرور عالميًا قبل اتفاقية فيينا، وما زالت سارية في بعض الدول التي لم تنضم لاتفاقية فيينا.

رغم تراجع بسيط في أعداد الوفيات، ما زال الطريق طويلًا أمام تحقيق هدف خفض ضحايا حوادث المرور إلى النصف بحلول عام 2030، ما يتطلب التزامًا سياسيًا وتشريعيًا وسلوكيًا أكبر على مستوى العالم.

3. اتفاقية فيينا بشأن حركة المرور على الطرق (1968)

وُقِّعت هذه الاتفاقية في عام 1968 ودخلت حيّز التنفيذ في 21 مايو/ أيار 1977، وتهدف إلى توحيد قواعد حركة المرور بين الدول، وتحسين السلامة المرورية، وتسهيل حركة النقل الدولي عبر الطرق.

4. اتفاقية فيينا بشأن إشارات الطرق وعلاماتها (1968

أُبرمت هذه الاتفاقية في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 1968، وتهدف إلى توحيد إشارات وعلامات الطرق في جميع الدول الموقّعة لتجنّب الالتباس بين السائقين الدوليين. كما تحدد أشكال وألوان الإشارات، ومعاني الرموز، وطريقة وضعها على الطرق.

وتُعدّ هذه الاتفاقية مكملة لاتفاقية حركة المرور، وغالبًا ما تُوقَّع معها.

ويُضاف إلى هذه الاتفاقيات تلك الأوروبية المكمِّلة وغيرها من المعاهدات التي أرست أسس السلامة على الطرق، بهدف تحقيق بيئة مرور أكثر أمانًا عبر وضع قواعد واضحة للسائقين والمشاة، وتوحيد الإشارات والعلامات المرورية، بالإضافة إلى تحسين معايير المركبات والبنية التحتية، بما يُسهم في تقليل معدلات الحوادث وحماية الأرواح.

حوادث الطرق
صورة من الانترنت

على الرغم من كل هذه الجهود الدولية والتشريعات والاتفاقيات، تبقى الأرقام المرتبطة بحوادث الطرق مرتفعة ومقلقة، ما يذكّر بأن السلامة المرورية ليست مسؤولية الحكومات والمؤسسات وحدها، بل هي أيضًا سلوك يومي يشارك فيه السائقون والمشاة وكل مستخدمي الطرق. فاحترام قواعد السير، والالتزام بحدود السرعة، وتجنّب استخدام الهاتف أثناء القيادة، وضمان صيانة المركبات بشكل دوري، جميعها خطوات بسيطة في ظاهرها، لكنها حاسمة في إنقاذ الأرواح وتقليل حجم المآسي التي تتسبب بها حوادث الطرق عامًا بعد عام.

لقراءة المزيد في قسم الإعلام إضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *